باتت المنتجات التّركيّة تشكّل جزءًا من حياة اللّيبيين اليوميّة، فتدخل منازلهم وتمنحهم شعورًا بالحياة الطبيعيّة، متناسين الحرب والاضطرابات. ومع ذلك، بدأ اللّيبيّون يشكّكون في جودة هذه البضائع وموثوقيّتها، متسائلين ما إذا كانت هذه البضائع التركيّة تطرح خطرًا على اللّيبيّين. تقول فاطمة، من طرابلس: “نستخدم الكثير من المنتجات التركيّة وفي البداية اعتقدنا أنّها رائعة… أمّا الآن فنحن نخشى أن تضرّنا أكثر ممّا تنفعنا”.
أسعار منخفضة… ولكن ماذا عن الجودة؟
تغزو المنتجات التركيّة مختلف المحلّات في مصراتة وطرابلس والزاوية، فقد ساهمت أسعارها المنخفضة وعبواتها المميّزة في تلبية احتياجات اللّيبييّن، بحيث تزوّدهم بالقهوة واللّحوم المجمّدة والأطعمة المعلّبة ومواد التّنظيف بأسعار معقولة.
ولكن في المقابل، بدأ الكثير من اللّيبييّن مؤخرًا يشتكون من سوء جودة الطّعام التركيّ وحتّى من الآثار السّلبيّة لمواد التّنظيف.
إنّ فايز من محبّي الكابتشينو فيشربها كلّ يومٍ. فجأةً، قرّر شراء ماركةٍ تركيّة، كان طعم الكابتشينو التركيّ أكثر حلاوةً (وأرخص سعرًا) من الّذي اعتاد أن يشربه سابقًا، ولكن بعد ثلاثة أشهر بدأ يشعر بألم في المعدة وحموضة وفواق. فأنفق أمواله في عيادات الأطبّاء بحثًا عن الاستشارات، إلى أن تمّ تشخيص إصابته بمتلازمة القولون العصبي. عندها اقترح عليه الطّبيب العودة إلى استهلاك العلامة التّجاريّة الّتي كان معتادًا عليها سابقًا فزالت الأعراض.
قال فايز: “الكابتشينو التركيّ طعمه لذيذ لكنّني توقّفت عن شربه. قد أنفق مالًا أكثر على ماركاتٍ أخرى ولكنّني في المقابل سأحافظ على صحتي”. يبدو أيضًا أنّ بعض التساؤولات تحوم حول الأطعمة المجمّدة. حسين من آكلي اللّحوم ويحبّ الكبّة المجمّدة المستوردة من تركيا. الشهر الماضي، تناول أفراد عائلته كلّهم (زوجته وأربعة أطفال) الكبّة المفضّلة لديهم على العشاء وكانوا سعداء جدًّا بذلك. ولكن لسوء الحظ، قضى جميع أفراد الأسرة ليلتهم يتقيّأون ويعانون من الحمّة.
قالت البنت الصغيرة لأمها: “أنا أحبّ الكبّة فعلًا.. ولكنّني الآن أخشى أن آكلها”. وقالت زوجة حسين: “اعتدنا أن نأكل أطنانًا من اللّحوم التّركيّة، ولكن منذ الآن فصاعدًا سنشتري اللّحوم من عند لحّامنا المفضّل”.
مواد تنظيف خطرة
لا تصدّر تركيا المنتجات الغذائيّة إلى ليبيا فحسب، بل تصدّر منتجات أخرى، مثل مواد التنظيف والمعدّات الطّبيّة. تعمل عائشة في شركة تنظيف صغيرة في مصراتة، إنّها مُنتجة للغاية في وظيفتها وتقضي ما بين 6 إلى 7 ساعات يوميًّا في تنظيف المطابخ والحمامات. تُخبر أنّها بعد أن استخدمت “رذاذ الموس ومنظف الجير التركي”، بدأت تعاني من الصداع المزمن ونزيف الأنف. لم تذهب عائشة لرؤية الطبيب لأنّها كانت تخشى أن تفقد وظيفتها، لذا توقفت عن استخدام منتجات التّنظيف هذه. وبعد أيّام قليلة زالت الأعراض.
قالت: “قد أستخدم هذه المنتجات في منزلي لأنّها رخيصة فعلًا ولا يمكنني شراء منتجات أخرى، ولكن يجب أن تكون الغرف فارغة عندما أقوم بتنظيفها. عندما أجني مالًا أكثر سأنتقل إلى ماركات مختلفة”.
لم ترد حتّى الآن أي تقارير سلبيّة عن المعدّات الطّبيّة. ولكن بالنّظر إلى حساسيّة هذا الموضوع ستبقى الأمور على حالها. ومع ذلك، لا يمكن غضّ النّظر عنه.